انشِطار
***
لا أراني قَبيلةً مِن حُروفٍ
بل شعوبًا كَثيفَةً ... لا تُعَدُّ
كُنتُ دَومًا لِلّا مَكانِ مَكانًا
وجُسُورًا لِلمُستَحيلِ تُمَدُّ
إنَّني شاعرٌ بحجم الثُّرَيّا
أرتدي قامَةَ المَدَى حينَ أشدُو
يَثِبُ الحَرفُ مِن شُروخِ انشِطاري
كلُّ حينٍ قذيفةٌ ... لا تُصَدُّ
بِالمَجازِ المُضِىءِ أَبنِي وُجودًا
حالِمًا مِلؤُهُ حَنانٌ وَوُدُّ
دافِئًا مِثلما يَذوبُ اشتِياقًا
في جَحيمِ العِناقِ ثَغرٌ وخَدُّ
عاطِفُيًّا كَما تَسيلُ المَرايا
حينَ يَبكي تحتَ الغلالةِ نَهدُ
غير أنِّي أتَيتُ والأرض صَرعى
والثَّواني بدونِ ساقَينِ تَعدو
والضُحى باعَ شَمسَه وتَوارى
في انكِسارٍ ... كحائطٍ يَنهَدُّ
والدُّجى أنجُمٌ بلا أيِّ معنى
في مَداراتِها ... تروحُ وتَغدو
كلُّ شيءٍ هنا ... يموتُ بطيئا
مِثلَما في الحُقولِ يَصفَرُّ وَردُ
****
آنَ لي أن أغوصَ بينَ عِظامي
هاهنا الطَقسُ كالخَلائقِ … وَغدُ
أيها العَصرُ… يا الذي ...لا يَراني
وكأنِّي في أضلِعِ الأرضِ لَحدُ
الخَفافيشُ الآدَمِيَّةُ … حَولي
أعيُنٌ مِلؤُها … احتِقانٌ وحِقدُ
هذه خُنثى … بعدَ حينٍ سَتَغدو
رَجُلًا قد يَوَدُّ … لو يَرتَدُّ
هذه ثَغرُها زقاقٌ … عجوزٌ
نحوَ (مَجرى العيونِ) قد يَمتَدُّ
هذه مِلءُ ناهِدَيها … كرومٌ
هذه خصرُها الطفوليُّ شَهدُ
تلك مثل الخنساءِ تَصرُخُ غَضبى
مثلما في المساءِ يَقصِفُ رَعدُ
(أيّها العابرونَ قَشًا ... ورَملا
للأعاصيرِ الغاضِباتِ استَعِدوا)
-ـــ ما وقوفي هنا … لقد ضِعتَ مِنّي
كرَضيعٍ من تحتِه فَرَّ … مَهدُ؟
ما اسم هذا الذي يَسيرُ الهُوَينى
وضُحى مُقلَتَيهِ … حزمٌ وجِدُّ؟
هادِئًا كالقَصيدةِ البِكرِ يمشي
مثلما الحروف في الأصابعِ تَعدو
ـ-ــ إنَّهُ الموتُ...!!!!!
-ــ مرحبًا يا جديدًا
… لم يَعُدْ هاهُنا الذي يَستَجِدُّ
أيها الموتُ ما الذي تَحتَسيهِ ...؟
في كؤوسي...أسًى وغَمٌ .. وسُهدُ
كُن سَعيدًا كعملةٍ مِن صَفيحٍ
أقتنيها كمِنحَةٍ … لاتُرَدُّ
الحياةُ استَحالتِ … اليومَ بَحرًا
مَيِّتًا … ليس فيه جَزرٌ ومَدُّ
***
أشعار
الشاعر القدير
أحمَدْ غُرابْ